أعزّاءنا في مجتمع بيلدباليستاين،

أُسست بيلدباليستاين منذ ٦ سنوات كمكان للفلسطينيين أينما تواجدوا، ليجتمعوا معًا لحل المشاكل التي تواجه مجتمعنا، وكنا نأمل خلال ذلك أن نتمكن من بناء نموذج فلسطين المحررة، لتكون مثالاً لؤلائك الذين يناضلون من أجل الحرية والعدالة والمساواة والقيم الديموقراطية. 

ندرك تماماً أن أحدَ أكبر التحديات التي نواجهها كمجتمعٍ هي الوحدة، فكيف يمكننا أن نتحد لتحقيق أهدافنا – الصغيرة والكبيرة – عندما يبقى شعبنا مقسمّاً وفق الجغرافيا والسياسة والظروف الاجتماعية والاقتصادية، بينما يحتضن تنوعنا واختلافاتنا؟ تناول مؤتمر بيلدباليستاين السنوي هذا العام هذه المسألة بالذات. كان هدفنا توفير مساحةٍ آمنةٍ ومرحبة ومفتوحة لنقاش هذه القضية، وبفضل جميع المشاركين في المؤتمر ومتحدثيه، نعتقد أننا تمكنا من تحقيق ذلك خلال التجمع الافتراضي الذي استمر لمدة يومين. 

وبهذا السياق، نود أن نوضح حدثًا وقع عشية انعقاد المؤتمر عندما أعرب أحد المتحدثين عن قلقه إزاء مشاركة محرر مجلة 972+، أمجد عراقي، في الجلسة الافتتاحية. حيث دعا فريق بيلدباليستاين الكاتب والمحرِّر أمجد عراقي إلى الحديث عن الوحدة بمثابته كاتب فلسطيني معروف يعيش في أراضي 1948 والذي نشر مؤخرًا مقالًا في مجلة ذا نيشن بعنوان: المقاومة الفلسطينية هدمت الخط الأخضر منذ فترة طويلة.

وذكر المتحدث الذي انسحب في منشور على فيسبوك أن “التعاون مع من يتعاون مع المستعمر” يتعارض مع مبادئه الشخصية. وأشار متحدثان آخران على انفراد، قبل ساعات قليلة من الموعد المقرر لبدء المؤتمر، إلى أنهما سينسحبان أيضًا بسبب مشاركة أمجد وعندها قرر الأخير الانسحاب من الجلسة الافتتاحية حتى لا يعرّض المؤتمر للخطر.

تضاربت مشاعر فريق بيلدباليستاين بشدة عقب انسحاب الكاتب أمجد عراقي، وحيث أن موضوع المؤتمر لهذا العام كان حول الوحدة، رغب فريق بيلدباليستاين أن يسمع الجميع صوت أمجد، وعليه طلبنا منه بياناً حتى تتم قراءته خلال الجلسة الافتتاحية. يمكن مشاهدة المحداثة التي جرت في المؤتمر من هنا، والاطلاع  على البيان من هنا: 

أصدقائي وزملائي الأعزاء، في ضوء بعض الاستياء الأخير بين العديد من المتحدثين بشأن انتسابي لمجلة 972+، قررت سحب مشاركتي من جلسة النقاش اليوم حتى لا أتسبب في مزيد من المتاعب للمنظمين أو لأضع أي من المتحدثين الفلسطينيين في حالة من الانزعاج.

أتفهم بصدق الآراء النقدية التي أثيرت وأتعاطف بشدة مع الأسباب الكامنة وراءها. ولا يزال من المؤسف أن يشهد مؤتمر بشأن الوحدة عرضًا حيًا للانقسام، استنادًا إلى ما أخشى أن تكون افتراضات مبسطة ومخطئة بشأن هويتي، وما يمثله موقعي، وما يعتبر عملًا حركيًا فلسطينيًا مشروعًا. نحن مجتمع متنوع ومعقد مع العديد من المناطق الرمادية والتناقضات، وأي محاولة للتظاهر بخلاف ذلك – أو لفرض نظرة فريدة لما يجب أن نكون وكيف يجب أن نكافح – هي تشويه لما نحن عليه وعائق لقضيتنا.

ومع ذلك، لا أود أن أكون مصدر توتر في هذا الحدث، وآمل أن يمضي المؤتمر قدمًا بروح طيبة. أنا ممتن للمنظمين لدعمهم وعملهم الجاد، وأتطلع إلى مشاهدة المؤتمر كزميل فلسطيني.

على مدار الأعوام الماضية، تمكن المجتمع المدني الفلسطيني من إيجاد أسس ومبادئ توجيهية وبوصلة توضح ماهية التطبيع، وأكدت هذه المؤسسات على أهمية إجراء هذه التقييمات بعناية حتى لا تصبح سلاحًا يقسّم مجتمعنا أو تستخدم لمهاجمة الأفراد الفلسطينيين الذين يعملون بلا كلل داخل مساحات مجتمعنا المدني ضد الاستعمار الاستيطاني.


كفلسطينيين ، نحن لا نقف مع أي شكل من أشكال الاضطهاد. يجب أن نسمح لقيمنا المشتركة بقيادة حراكنا، وأن نجد أرضية مقصودة لنا لنتشارك في المقاومة جنبًا إلى جنب مع الحلفاء داخل فلسطين وخارجها.

ومع ذلك، يعتقد فريق بيلدباليستاين أن هذه الحلقة تحولت إلى فرصة مهمة للانخراط في هذه المحادثة التي تشتد الحاجة إليها بطريقة دقيقة وبشكل مناسب، وتجربة تعليمية ملموسة لنا جميعًا حول معنى الوحدة.

الوحدة لا تعني فقط تغلبنا على اختلافاتنا في بعض اللحظات كما حصل في “انتفاضة الوحدة” خلال عام 2021، بل هي تعاملنا اليومي مع بعضنا البعض، هي الحكمة وهي المحبة التي نظهرها لبعضنا البعض حتى نتمكن من وضع الاستراتيجيات والبناء بنجاح على المدى الطويل لهذا النضال. حتى يومنا هذا، أكثر من مائة عام مرّت ونحن نقاوم الاستعمار وسنوات عديدة أخرى من المقاومة تنتظرنا، ولا يمكننا أن نحقق أهدافنا إلا إن كنّا متحدين. 

لنبني فلسطين،